الدكتورة جيهان بادي

مؤسسة مكتب GB Atelier – للتصاميم والاستشارات المعمارية
باحثة في إدارة مخاطر الكوارث واستدامة البيئة المبنية
محاضرة في العمارة والتكنولوجيا المعمارية

كان من دواعي سروري إعداد وتقديم ورشة العمل الخاصة بإدارة الكوارث والأزمات والحد من المخاطر، التي شملت ست دورات تدريبية، بالتعاون مع مشروع (REBUILD). لم تكن هذه المبادرة فرصة فقط لمشاركة خبرتي في إدارة الكوارث، بل كانت أيضًا فرصة للتفاعل بشكل مثمر مع ممثلين عن العديد من البلديات الليبية، حيث ستزودهم هذه الورشة بالأدوات اللازمة لمواجهة التحديات التي تطرحها المخاطر الطبيعية والكوارث. لقد كان التزام المسؤولين بالبلديات ومشاركتهم خلال الجلسات ملحوظًا جدا، ويظهر مدى التزامهم بتعزيز مرونة وصمود مجتمعاتهم المحلية وتأمين سلامة المواطنين في بلدياتهم.

يعد توقيت هذا التدريب مهمًا جدًا، خاصة وأن المنطقة أصبحت أكثر تعرضًا للأحداث الجوية المتغيرة. حيث شهدت ليبيا زيادة في العواصف والفيضانات وهطول الأمطار الغزيرة التي اجتاحت البنية التحتية الحالية. الآن، يواجه القادة في البلديات الليبية مهمة التصدي لهذه التهديدات بشكل مباشر، مما يجعل هذه الورشة أداة أساسية لحماية مجتمعاتهم المحلية وتقليل حجم المخاطر. المعرفة التي تم تبادلها في الجلسات لا تجهز البلديات فقط للتحديات الفورية، بل تمنحهم أيضًا الرؤية اللازمة للتخطيط للمستقبل في ظل تغير المناخ.

نظرة عامة على الورشة: مسار نحو المرونة والقدرة على الصمود في مواجهه الكوارث 

تألفت الورشة من ست جلسات، وتم تصميم كل منها بعناية لتغطية جوانب مختلفة من إدارة الكوارث والحد من المخاطر. شملت الجلسات من مواضيع التخطيط الاستراتيجي إلى دراسات لأمثلة عالمية نفذت أطر ومبادرات مكتب الأمم المتحدة للحد من المخاطر، مما وفر إطارًا شاملاً للاستجابة الفعالة للكوارث. نظراً لتعرض ليبيا والمنطقة بالكامل لظروف طقس متغيرة بشكل متزايد، بما في ذلك العواصف والفيضانات، فإن هذه الدروس كانت في غاية الأهمية.

ملخص الدورات:

في الجلسة الأولى، أكدنا على أهمية التدابير الاستباقية والاستعداد للتخفيف من آثار الكوارث والمخاطر، واستكشفنا مفهوم بناء القدرة على الصمود، وتحديات الحد من مخاطر الكوارث القائمة على المجتمعات المحلية، ودور العولمة، والتحول نحو الحوكمة متعددة المستويات في إدارة مخاطر الكوارث. كما قدمنا حملة “جعل المدن قادرة على الصمود 2030” ومبادئها العشرة كمثال، والتي تشجع الحكومات المحلية (البلديات) على دمج ” خطط تقليل المخاطر” في تخطيطها التنموي.

وناقشنا أهمية الربط بين إدارة مخاطر الكوارث والتنمية المستدامة، مستندين إلى أطر العمل، مثل (إطار عمل هيوغو وإطار عمل سينداي) التي تبين كيف يمكن للحكومات المحلية تعزيز استعداد المجتمع المحلي مع السعي لتحقيق أهداف التنمية الأوسع نطاقاً. كما استخدمنا أيضاً دراسات حالة من تويوتا وروتردام وماليزيا لتوضيح كيفية نجاح المدن (البلديات) والمنظمات في دمج إدارة مخاطر الكوارث وإعادة التأهيل بعد الكوارث في استراتيجيات التنمية المستدامة.

في الجلسة الخامسة، بعنوان “دراسة إعصار دانيال – فهم التحديات التي تواجه المدن الليبية”، تناولنا تحديات إدارة الفيضانات في ليبيا، وخاصة في مدينة درنة. فحصنا تأثير العاصفة دانيال وتاريخ إدارة الفيضانات في ليبيا، وقارنا ذلك بالممارسات الدولية مثل تلك في إقليم كيلانتان في شمال شرق ماليزيا، وقد شددت النقاشات اثناء الجلسة على أهمية تحسين البنية التحتية ومرونة المجتمع لتعزيز قدرة ليبيا على مواجهة التحديات البيئية.

ركزت الجلسة الأخيرة على استراتيجيات تعزيز إدارة المخاطر في المدن الليبية، خاصة في بناء مرونة المجتمع وتخفيف آثار الكوارث. أبرزنا التحديات الرئيسية في ليبيا مثل عدم الاستقرار السياسي، وضعف البنية التحتية، والتوسع الحضري غير المخطط كعوامل تزيد من تعرض المدن للكوارث،  ومن خلال الاستفادة من بعض الامثلة العالمية من الفلبين وكوستاريكا، أوضحنا كيفية دمج إدارة المخاطر مع التنمية المستدامة لتحسين المرونة والقدرة على الصمود.

وفي الختام، قدم التعاون بين مشروع REBUILD، والبلديات الليبية أساسًا قويًا لتبادل المعرفة وبناء شبكات تعاون فعالة، أقدر حقًا التبادلات القيمة والعمل الجماعي الذي تم عرضه طوال البرنامج، حيث تمثل هذه الورشة خطوة هامة نحو تعزيز مبدأ المرونة في البلديات والمدن الليبية، وتمكنها من مواجهة التحديات الناتجة عن المخاطر الطبيعية وتغير المناخ.